...

ندوة عيسى “يسوع” (Jesus Seminar):

ندوة عيسى “يسوع” (Jesus Seminar):

شيء حول نقد الكتاب المقدس !

تأسَّسَت ندوة عيسى سنة 1985م تحت رعاية مؤسسة ويستار([1]) في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي مجموعةٌ ينتمي إليها باحثون أكاديميون في دراسة الكتاب المقدَّس، وخاصةً ما يتعلَّق بالعهد الجديد، ويبلغ عددُهم أكثرَ من مائتي عالمٍ في اللاهوت من طائفتَي الكاثوليك والبروتستانت، ومعظمُهم يعملون في الجامعات، وهم مِن خرِّيجي الجامعات المرموقة؛ كهارفارد وكلارمونت.

أسَّس الندوةَ العالمُ بالعهد الجديد “روبرت فانك”، وتُعرف الندوة بحلقةِ السيد المسيح الدراسيَّة، وتنشر الأبحاثَ حول حقيقة يسوع التاريخيِّ الموافق للحقائق والوقائع التاريخية، وليس المسيح في تصوُّر طوائفِ النصارى صاحب القيامة وابن الإله([2]).

ومِن خلال جلساتِ الأعضاء، واجتماعاتهم الدوريَّة، خرَجوا بنتائج؛ منها:

  • أن التَّوافُق صار كبيرًا بين العلماء حولَ حقيقة يسوع، واتضاحِ شخصيته التاريخية، وهي بخلاف الشخصيةِ الدينية.
  • تأليف كتاب “الأناجيل الخمسة” ونُشر سنة 1993م، ويضمُّ الأناجيلَ الأربعة بالإضافة إلى إنجيل “توما”([3]). يتكوَّن كتابُ الأناجيل الخمسة من 550 صفحة. وقاموا بترجمةِ الأناجيل وأسْمَوها “ترجمة النقاد” Scholars Version وضمَّت هذه الترجمةُ ما يُقارب 1500 قولٍ لعيسى، وفحَصوا تلك الأقوالَ لإثبات الصحيح من المكذوب عليه، وكانت النتيجةُ التي توصَّلوا إليها أن 82% من الكلمات المنسوبة إلى عيسى لم يتَفوَّه بها حقيقة، وأنَّ 18% من الأقوال التي تُنسب إليه، من المحتمل أن يكون قالها، ولا يوجد جزمٌ بتأكيدِ تلك النسبة([4]).

هذه النتيجة التي توصَّل إليها الباحثون في ندوة عيسى ليست بعيدةً عمَّا نشرَته مجلةُ التايم الأمريكية في عددها الصادرِ في شهر أكتوبر سنة 1986، حيث أفرَدَت خبرًا لاجتماعِ علماء في ندوةٍ دولية يَزيد عددُهم عن 120 عالمًا، قام هؤلاء العلماءُ بفحص أقوال عيسى ودراستها تاريخيًّا، ولم يَجِدوا ما يُمكن إثباته سوى 148 قولًا من بين 758 قولًا تُنسب إلى عيسى عليه السلام، ولم يكن إنجيل توما داخلًا ضمن الدراسة([5]).

هذه المدارس هي أبرزُ المدارس التي عُنِيَت بدراسةٍ نقدية تاريخية للكتاب المقدس في عصرِنا الحديث، وحاوَلَت الإجابةَ عن الأسئلة التي طرَحَها المهتمُّون بالدراسات اللاهوتيَّة والتاريخية، حول وُثوقيَّة النصوص المقدَّسة، وطرائقِ فحص الوثائق لأسفار العهْدَين.

 
([1]) مؤسسة ويستار ليست مؤسسةً مُناهِضةً للديانة المسيحية، وإنما هي مؤسسةٌ غيرُ رِبحية للأبحاث الخاصة بالعلوم والنصوص المسيحية للتعريف بها، ويُحاول العاملون في المؤسسة نزْعَ ما تراكمَ عليها من تناقضاتٍ وتحويرات عبر المجامع على مرِّ العصور. انظر: د. عبد العزيز، زينب، نبذة حول ندوة عيسى (يسوع)، (منشورة في موقع صيد الفوائد)، ص 2.
([2]) انظر: جونسون، لوقا تيموثي، المسيح الحقيقي “المسعى الخاطئ للعثور على السيد المسيح الحقيقي، وحقيقة الأناجيل التقليدية”، (ترجمة: محمد الواكد، دار الأوائل، دمشق، ط1، 2008م)، ص 14.
([3]) هذا الإنجيل اكتُشف في مصر سنة 1945، وهو فقط تجميعٌ لأقوالٍ تُنسب إلى عيسى عليه السلام، وليس فيه قصصٌ أو أحداث. انظر: عامري، سامي، قيامة المسيح بين الحقيقة والخرافة “سقوط النصرانية”، (مكتبة النافذة، نسخة إلكترونية)، ص342.
([4]) انظر: السقار، هل العهد الجديد كلمة الله؟ ص 179.
([5]) انظر: عامري، سامي، قيامة المسيح بين الحقيقة والخرافة “سقوط النصرانية”، ص 343.

شارك المدونة

د. عبدالله الشهري

أستاذ العقيدة ومقارنة الأديان في جامعة الأمير سطام بالخرج، كاتب ومدون.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Seraphinite AcceleratorOptimized by Seraphinite Accelerator
Turns on site high speed to be attractive for people and search engines.