نشوار المحاضرة
- 5 مايو، 2025
نشوار المحاضرة للتونخي
في هذا الكتاب كأنك تعيش في القرن الرابع الهجري وتخالط أهل بغداد خاصة والعراق عامة.
كتاب نشوار المحاضرة، تأليف القاضي أبي عليّ، المحسّن التنوخيّ (٣٢٦هـ – ٣٨٣هـ)، من الكتب النادرة المثال، في عالم الكتاب العربي.
قضى التنوخيّ، في تصنيف كتابه هذا، عشرين عاما، وأخرجه في أحد عشر مجلدا، واشترط فيه على نفسه، أن لا يضمّنه شيئا نقله من كتاب.
وقدّم المؤلف، كتابه النشوار، للقرّاء، بأنّه «كتاب يشتمل على ما تناثر من أفواه الرجال، وما دار بينهم في المجالس».
وقال: إنّه سمّاه «نشوار المحاضرة» ، لأنّ النشوار ما يظهر من كلام حسن.
يقال: إنّ لفلان نشوارا حسنا، أي كلاما حسنا».
وذكر عن سبب تأليفه الكتاب «إنّه اجتمع قديما مع مشايخ، قد عرفوا أخبار الدول، وشاهدوا كل غريب عجيب، وكانوا يوردون كلّ فنّ من تلك الفنون، فيحفظ ذلك، ويتمثل به.
فلما تطاولت السنون، ومات أكثرهم، خشي أن يضيع هذا الجنس، فأثبته في هذا الكتاب» .
وقال: إنّه ألّف هذا الكتاب «ليستفيد منه العاقل اللبيب، والفطن الأريب، ويجد فيه ما يحثّه على العلم بالمعاش والمعاد، والمعرفة بعواقب الصلاح والفساد، وما تفضي إليه أواخر الأمور، وتساس به كافة الجمهور».
وقال المؤلف مزهوّا بكتابه: «إنّه ما سبق إلى كتب مثل هذا الكتاب، ولم تخلّد بطون الصحف، بشيء من جنسه وشكله».
وإنّ كثيرا مما ورد في الكتاب «لا نظير له، ولا شكل، وهو وحده جنس وأصل» .
تعقب المحقق (عبود الشالجي) رحمه الله هذا الكتاب لأن أغلبه فُقِد فأخذ يبحث وينقب عن النسخ الموجودة منه في: المكتبة الوطنية بباريس، ومكتبة مراد ملا باصطنبول، ومكتبة العلامة أحمد تيمور في القاهرة، ومكتبة المتحف البريطاني في لندن.
حتى قال المحقق الشالجي، قال القاضي التنوخيّ: إنّه لم يسبقه أحد إلى كتب مثل هذا الكتاب، وأقول أنا – أي الشالجي – : إنّه لم يسبقني أحد، إلى ما قمت به من استخلاص الفقرات الضائعة من النشوار، والبحث عنها في مظانّها، حتى تمكّنت، بعد الكد والتعب، أن أستخلص فقرات، قد تتّسع لها مجلدات أربعة، وإن مد الله في عمري، فسوف أخرج هذه المجلدات المشتملة على الفقرات الضائعة.
وهو عمل شاق لم يسبقه إليه أحد.
وفي النشوار، قصص لا تحصر، فالكتاب ينقل لك مشهد حي لأجواء الحياة العباسية، بكل ما فيها سياسا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحتى تفاصيل حياتهم اليومية والتي ساهم المحقق في شرحها،
وكيفية القبض على اللصوص أو كيفية إغلاق الدكاكين، وكيفية تزجية الوقت وطرق التكافل الاجتماعي والتطبب وطرائف الطفيليين وتنبؤات المنجمين،
وأنواع حيل المحتالين والمشعبذين، منها قصص احتيال الحلاج الغريبة وأعوانه على العامة.
تمذهب المؤلف بمذهب أبي حنيفة، وكان على منهج المعتزلة، و كان يدافع عنهم.
ويتضح تعصّب المؤلف المحسّن للمعتزلة، من القصص التي أوردها في النشوار، فهو يثني عليهم، كلّما ورد ذكرهم.
كما أنّ القصص التي أوردها عن أهل السُنَّة الحنابلة، وعن رئيسهم البربهاري، تدلّ على مقدار ضيقه بهم، وانزعاجه من تصرّفاتهم، وعلى أنهم فئة عنيفة.
ذكر ابن الأثير، في كتابه الكامل في التاريخ، عن مؤلف هذا الكتاب المحسّن التنوخيّ، بأنّه كان شديد التعصّب على الشافعيّ، يطلق لسانه فيه.
المحقق للكتاب قدم للكتاب بمقدمه تفتح لك الشهية للكتاب وتشوقك لقراءته، وقدم بترجمة ماتعة للمؤلف التنوخي، وهذا يدل على مدى هضمه للكتاب وحسن تحقيقه له، فالشالجي هو من أخرج كتاب النشوار بعد أن كاد يُفقد وشرح الألفاظ الغريبة.
عساني أكون قد وفِّقْت في التعريف بالكتاب، والكتاب متوفر في الشاملة لمن أراد القراءة…
الكاتب محمد لعقل اليماني، نقله عنه عبدالرحمن المينهاء
شارك المدونة
أحسنت في ذكر أين نجد الكتاب فلقد شوقتنا لقرائته