تبصّر، لا تبرمج !
- 8 يونيو، 2025
تبصّر لا تبرمج
ليس من سمات العقول الراجحة أن توصد أبوابها أمام كل جديد، أو تعلن القطيعة التامة مع كل وافد معرفي، فالعقل الناضج لا ينكفئ عن كل جديد. إنما شأنه الاصطفاء والانتقاء، والتحوير والتغيير، حتى تتلاءم الفكرة الوافدة مع الواقع والمعيار، ثم تُبيّأ وتُستثمر، وقد تنقلب – مع التراكم والدراسة – إلى مشروع فكري تتولد عنه أفكار لا حدّ لفائدتها.
إن العقل الفاعل لا يقف عند حدود التلقين ولا يرضى بأن يكون أداة تبرمج. بل ينتقل بصاحبه من ثقافة التطبّع التلقائي والانقياد إلى ثقافة التحليل والترجيح والنقد.
العلم يا رعاكم الله ليس مجرد إضافة معلومات، بل هو تصحيح مستمر للتصورات.
هو انتقال من العقل المنفعل إلى العقل الفاعل، ومن الوعي المقيّد إلى الوعي المُبادر كما يقول بعض الفلاسفة.
ذلك أن الفاعلية الحقيقية للعقل تكمن في قدرته على نقد ما يستقر فيه لا فقط حفظه، وعلى إعادة تشكيل الرؤية لا الاكتفاء بمخزونها الأول التي شكلت النمط السابق وجعلته صلبا لا يتزحزح.
والأمثلة للعلماء كثيرة. -ابن تيمية ( مع المناطقة) ، الغزالي ( مع الباطنية) .
وفي واقعنا عدد من أهل العلم درسوا تلك الأفكار فميزوا وفرزوا وصفّوا ، ثم نشأت بعد ذلك أفكارهم ورؤاهم الخلاقة
( المسيري- مع الحداثة عموما)
أما إذا غاب هذا التفاعل، فإن العقل مجرد وعاء تتراكم فيه الأوهام وتمرر عليه الأخطاء والأغلوطات. وكم هي خسارة الإنسان إذا كان هذا شأنه !
شارك المدونة
أحسنتم كثيراً أحسن الله إليكم وبارك فيكم ونفع بكم
رائع جداً
لا فض فوك