ازدحام المعرفة .. وغياب الفهم!
- 14 يونيو، 2025
ازدحام المعرفة .. وغياب الفهم!
في أوساطنا العلمية والفكرية، ثمة ظاهرة مزعجة تتكرر في صور شتى، وتفرض نفسها دون مساءلة جادة، وتوقف للتفكير.
إنها ظاهرة طالب العلم الذي تكدّست في رأسه المعلومات، وتزاحمت في صدره المتون والحواشي، لكنّ عقله لم يتعمّق فيه الفهم، ولم يتشكّل فيه منهج نقدي متين.
هذا النمط من المتعلمين قد يحوز إعجاب كثير من الناس بسبب حفظه، وسرعة استحضاره للمراجع، وكثرة حضوره في المشاهد العامة.
وقد يلمع اسمه في وسائل التواصل، وتتوالى عليه الدعوات للحديث والتعليم، وقد يؤلف ويُدرّس ويظهر على المنابر، فيُخيّل إلى المتابع غير المتفطن أنه مرجع معرفي أو عقل موسوعي.
لكنه ينكشف حين يقابل رأيا جديدا لم يألفه، أو منهجا تحليليا لم يتعود عليه، فتراه بين راد لذلك أو ساخر منه، أو مشوّه له!
لا لأنه أدرك خطأ الفكرة الجديدة، بل لأنها خرجت عن المألوف الذي تشرّبه وورثه عن مشايخه، الذين ربما كانوا على ذات المنوال: مشغولون بتكديس العلم، غافلون عن تنمية الفهم.
إنها سلسلة من التكرار الذهني العقيم، حيث يتخرّج من تحت هؤلاء أجيال ظاهرهم العلم، وباطنهم خواء فكري وضعف في التبصّر. ( راجع مقال تبصر لا تبرمج )
وقد لا يكتفي صاحب هذا النمط بالجهل المركّب، بل يتجاوزه إلى البغي والافتئات على من هو أعلم منه، وأكثر نضجا وعمقا، وما ذاك إلا لأجل تلك الآفة التي تلبّسته، ونشأت معه، ثم ورثّها لطلابه.
نعم تتفاقم المشكلة حين يُحاط هذا النمط من الأشخاص بجماعة من الطلاب والمريدين، لا يسمعون سواه، ولا يرون غيره.
عندها يتعزز الوهم في نفسه، ويغيب عنه النقد الخارجي، ويستحيل حينها التصحيح أو يعسر جدا.
تمرّ السنوات، والمعلومات تتراكم، والمظهر العلمي يزداد صخبا، لكنّ العقل في جوهره متوقف، لا يتحرك خطوة نحو النضج والوعي!
إن أخطر ما نواجهه اليوم ليس قلة المعلومات، بل انفصالها عن الوعي، وتضخّمها في عقول لا تجيد مساءلتها ولا تربطها بمنهج علمي رشيد.
سؤال / هل لاحظت هذا من حولك؟
شارك المدونة
فعلًا يا شيخ عبدالله المشاهد الهم الأكبر كيف أحفظ واتقن والقليل كيف أحفظ وأفهم وأعمل.
وذلك تجد بعض طلبة العلم يظن العلم هو الحفظ وجمع المعلومات والكتب ولا تجده يهتم بجانب الفهم والاستنباط والتحرير والنقد
بوركتم أخي إبراهيم
مقال رصين ومفيد جدا ومليء بالمعلومات القيمة الصادقة
شكرا جزيلا لكم
لذلك من أرى له شيخا واحدا أو كتابا واحد في حياته = اعلم انغلاقه على نفسه
ولو تبصّر فرأى المشايخ غير شيخه والمدارس غير مدرسته والخلافات واستثمارها لانتعق اولا من نفسه ولتحرر عقله من وحدة المشهد والرأي إلى تعددية الرحمة وسواغنية الخلاف وسعة الصدر ونضج الفكر والعقل
لذلك أحب للطالب تعدد المشايخ وتعدد الكتب والاطلاع على الثقافات ومشاركة تجارب الأمم = فلقاح العقول بهذه الازدواجية
والفردية القابعة على النفس لا تنتج!
أحسنتم أخي محمود
وما أكثرهم اليوم شيخاً
صحيح
ماهو الحل شيخنا ؟
وأطم منه ما يوجد في الثكنات العسكرية المسماة بالجامعات من استبداد الموظفين بحجة الألقاب التي اكتنفت أسماؤهم، حيث ليس للطالب إلا الإذعان والانقياد، وكل ما يقوله الدكتور صحيح قطعا، وليس له التفكير خارج ما يقرره ويمليه؛ وكأنهم -بصنيعهم هذا- يخرجون أسطوانات لا متعلمين! -إلا من رحم الله منهم-.
أقول هذا بعد الإحباط الذي اعتراني جراء الدراسة فيما يسمى دراسات العليا!
كان الله معك ..
هذا الموقع حوار بين صاحبه والقارئ ، فكان ذكر الاسم الصريح أولى ..
الألقاب وغيرها مكانها تويتر وغيره .
وعباراتك فيها غرابة
“ثكنات عسكرية”
مسماه جامعات !!
غريب هذا التعبير
طالب الدراسات العليا لغته مختلفة